المرأة والرجل، الأفضلية لمن؟! السؤال الجدلي الأزلي! منذ بداية التاريخ والبشر يتجادلون.
لكن، ماذا لو كان السؤال نفسه خطئا؟ ماذا لو كانت محاولة المفاضلة بينهما مجرد فخ؟
الرجل بصلابته وعقله الحاسم، والمرأة بعاطفتها الجياشة ورعايتها الفطرية… أيهما أكثر أهمية؟
هل الأفضلية تقاس بالقوة الجسدية؟ أم بالقدرة على القيادة؟ أم بالعاطفة والرعاية؟
ولو كانت المرأة عاطفية بطبعها، فهل هذه ميزة أم عيب؟ ولو كان الرجل أصلب وأقدر على الحسم، فهل هذا يجعله أفضل منها؟
في هذا المقال، سنضع السؤال المثير “الأفضلية لمن؟” على الطاولة. لكن لن نجيب عليه بالصورة المعتادة التي تقوم على المفاضلة السطحية، بل بالعودة إلى جوهر الحكمة من خلق الذكر والأنثى. ودور كل واحد منهما في استمرار الحياة واستقرار المجتمعات.
موضوع يهم كل أنثى: طرق زيادة هرمون الأنوثة (الإستروجين)
المرأة والرجل، الأفضلية لمن: اختلاف بيولوجي لا عبث فيه
بكل تأكيد، لم يخلق الله المرأة والرجل بهاتين الصورتين المختلفتين عبثا. الاختلاف بين المرأة والرجل ليس مجرد “زينة” أو تفاصيل شكلية، لكنه ضرورة بيولوجية أساسية لاستمرار النوع الإنساني. فلو كان الإنسان مخلوقا كائنا واحدا قادرا على التكاثر الذاتي، لاختلف شكل الحياة جذريا.
المظهر الجسدي للرجل مثل الصوت الأغلظ، كثافة الشعر، والعضلات الأقوى. والمظهر الناعم للمرأة والصوت الرقيق، كل هذه ليست مجرد سمات شكلية. بل نتيجة مباشرة لهرمونات كالتستوستيرون التي ترتبط بالسلوك والميل للمنافسة والمخاطرة والقيادة في المواقف الصعبة.

في المقابل، تجهيز المرأة البيولوجي قائم على هرمونات مثل الإستروجين والبروجسترون، التي تمنحها القدرة على الحمل والرضاعة. إضافة إلى طاقة نفسية وعاطفية هائلة تجعلها أصلح للرعاية والاحتضان والتنشئة. هذا الاختلاف الطبيعي يوضح أن لكل من المرأة والرجل دورا محددا ومتكاملا، صمم بيولوجيا ليخدم استمرار الحياة وتوازن المجتمع.
أيضا الأبحاث تقول إن المرأة أكثر تفوقا في الذكاء العاطفي، والرجل غالبا أكثر هدوءً في اتخاذ القرارات الصعبة. إذن ليست النقطة المحورية هنا من أذكى أو أقل ذكاء! لكن من منهما مهيأ لنوع القرارات المصيرية ومن مهيأ للرعاية والعاطفة. PubMed
اقرأ أيضا عن طرق علاج القولون العصبي
المرأة والرجل: هل القيادة ميزة أم مجرد دور؟
في الواقع، القيادة في حقيقتها ليست ميزة مطلقة تمنح صاحبها قيمة أعلى من غيره. وإنما هي مجرد دور ضمن منظومة أوسع، لتوزيع الأدوار بين الرجل والمرأة. كما أن المجتمع لا يستقيم بلا قائد قادر على اتخاذ القرارات الحاسمة، فإنه أيضا ينهار إذا غابت الأدوار الأخرى. مثل الرعاية والاحتضان وتربية الأجيال والاهتمام بالبيت.
في الحقيقة، تلك أدوار لا تقل أهمية ولا يمكن الاستغناء عنها. في الواقع المجتمعات تنهار أسرع عند انهيار الأسرة عن انهيار الجيوش! القيمة إذن ليست في من يقود ومن يرعى. بل في تكامل الأدوار وتوزيعها. ذلك وفق ما جهز الله به كل جنس، من خصائص بيولوجية ونفسية تؤهله لما خُلق من أجله.
اقرأ أيضا عن الزواج في مصر من قاعة الزفاف إلى قاعة المحكمة!
المرأة والرجل، الأفضلية لمن؟!: أدوار لا يقوى على حملها إلا النساء
هناك أدوار جوهرية، لا يمكن أن تقوم بها سوى المرأة. مهما تقدمت التكنولوجيا أو حاول الرجل أن يشارك. الحمل والولادة والرضاعة وظائف بيولوجية حصرية. قد تعوضها وسائل مساعدة كالرضاعة الصناعية أو الحضانات، لكنها لا تستطيع أن تخلق نفس الرابط النفسي والهرموني والعاطفي الفريد بين الأم وطفلها. هذا الرابط هو الأساس الذي يمنح الطفل استقرارا عاطفيا في سنواته الأولى. وهي فترة حرجة يتوقف عليها نموه النفسي والاجتماعي.
ومع الرعاية العاطفية المبكرة، تأتي التنشئة الأخلاقية. فالأم باعتبارها أقرب مصدر للأمان والحب تشكل وجدان الطفل وتغرس فيه القيم، وهو دور لا يملك الرجل المؤهلات البيولوجية والنفسية الكافية ليؤديه بنفس العمق والكفاءة. إهمال المرأة لهذا الدور يهدد المجتمع من جذوره، لأن القادة العسكريين أو الاقتصاديين، لا يمكن أن يصنعوا مجتمعا متماسكا، إذا نشأت أجيال مهزوزة نفسيا ضعيفة الارتباط الأسري. الرجل يستطيع أن يساند ويشارك، لكنه لا يمكن أن يكون بديلا كاملا؛ فإذا انشغلت المرأة عن مهمتها الأساسية، فالنتيجة الطبيعية أجيال أقل استقرارا، نسب أعلى من الجريمة، وتفكك أكبر في الروابط الاجتماعية. كما نرى بالفعل في بعض المجتمعات الغربية المتقدمة اقتصاديا لكنها تعاني هشاشة أسرية عميقة. SpringerLink
اقرأ أيضا عن أسباب وعلاج قصور الغدة الدرقية
المرأة والرجل، الأفضلية لمن؟: عاطفة جياشة أم قيادة حاسمة؟
العاطفة الجياشة عند المرأة ليست عيبا، بل هي جزء أصيل من حكمة الخلق. فهي التي تجعلها قادرة على السهر المتواصل لرعاية طفلها، وعلى تحمل آلام الحمل والولادة والرضاعة، وهي مهام لا يستطيع الرجل أن ينهض بها لا بيولوجيا ولا نفسيا. هذه العاطفة هي نفسها التي تمنح الطفل صدرا حنونا يجد فيه الأمان والاحتواء في سنواته الأولى.
في المقابل، القيادة المصيرية سواء في الحرب أو الاقتصاد أو القضاء، تتطلب قرارات باردة، سريعة، حاسمة، لا تخضع في لحظتها لاعتبارات العاطفة. فإذا سيطرت الرحمة أو الميل الشخصي على القرار في موقف مصيري، قد ينحرف عن الحساب العقلاني الدقيق. من هنا نفهم أن الأمر ليس تفضيلا مطلقا لجنس على آخر، بل توزيع طبيعي للأدوار: الرجل غالبا أقدر على القيادة الحاسمة، والمرأة أقدر على التربية والرعاية وبناء الروابط العاطفية. وكلا الدورين لا يستغني عن الآخر، لأن عقلا بلا رحمة يتحول إلى قسوة مدمرة، وعاطفة بلا عقل تصير فوضى.
الخطأ الذي يقع فيه كثير من الخطابات الحديثة هو محاولة إقحام المرأة في أدوار الرجل، وترك أدوارها الفطرية تنهار. النتيجة الحتمية لذلك أن الأطفال ينشأون محرومون من الحنان الكافي، فيخرج جيل مشوه عاطفيا، وأن الرجال يتراجعون إلى أدوار مشوشة لا هم قادة حقيقيون ولا هم مربون فاعلون، وأن النساء يتحملن عبئا مضاعفا يجمع بين مسؤولياتهن الطبيعية وأعباء لم يجهزن لها بيولوجيا ولا نفسيا.

الرجل والمرأة، والأفضلية: من يستفيد من قلب الأدوار؟
وليس غريبا أن نرى اليوم حملات مدعومة ومدفوعة الأجر تدفع المرأة دفعا إلى أدوار لا تناسب طبيعتها، كأن الهدف أن توضع العربة أمام الحصان. خلف هذه الحملات تتشابك مصالح اقتصادية وفكرية وسياسية؛ فالشركات الكبرى تستفيد من انخراط المرأة بكثافة في سوق العمل لتكثير الأيدي العاملة وخفض الأجور، بينما التيارات الأيديولوجية التي تؤمن بالمساواة المطلقة ترى في أي توزيع طبيعي للأدوار “تمييزا” يجب محوه!
في حين أن الأنظمة السياسية ومؤسسات السوق الاستهلاكي تجد في تفكيك الأسرة فرصة للسيطرة على أفراد أكثر هشاشة وانعزالا. النتيجة أن المرأة تتحول من مربية أجيال إلى نسخة منهكة من الرجل، ومن ركيزة للأسرة إلى مستهلكة مثقلة بالأعباء. وهكذا ينهار المجتمع من الداخل رغم المظاهر الخارجية للتقدم، لأن الحصن الحقيقي لأي أمة يبدأ من الأسرة المتماسكة لا من المصانع ولا من البورصات.
المرأة والرجل، الأفضلية لمن؟: التاريخ يكشف الأهداف الحقيقية
هذا النمط ليس جديدا؛ فالتاريخ مليء بشواهد تكشف كيف استخدم شعار “المساواة” أحيانا كأداة لخدمة مصالح اقتصادية وسياسية. في الثورة الصناعية بأوروبا، لم يكن نزول النساء والأطفال إلى المصانع انتصارا لحقوقهم، بل وسيلة لزيادة الأيدي العاملة وخفض الأجور، فاستنزفت النساء في أعمال مرهقة بأجور زهيدة. وخلال الحرب العالمية الثانية، استخدم الخطاب نفسه لإقناع النساء أن مكانهن الطبيعي في المصانع، لا لحماية “المساواة”، بل لسد عجز الرجال المنخرطين في القتال. وبعد انتهاء الحرب، أعيد دفع النساء مجددا إلى أدوار أخرى، بما يكشف أن الهدف لم يكن تحريرا حقيقيا بل تعبئة ظرفية. Cambridge University Press & Assessment
المرأة والرجل: الحرية أم تسليع المرأة؟
حتى على مستوى الدعاية، نجد شخصيات مثل إدوارد برنايز – رائد “هندسة الرأي العام” – قدم حملات شهيرة ربطت بين التدخين النسائي و”التحرر”، ليجعل ملايين النساء عميلات دائمات لشركات التبغ. تلخيص ذلك أنه في أواخر العشرينيات كانت شركات التبغ الأمريكية تريد أن تنفتح سوقا جديدا: النساء. التدخين وقتها كان سلوكا مرفوضا اجتماعيا للمرأة، ينظر إليه كفعل غير لائق ومخالف للأنوثة. هنا كان دور إدوارد برنايس – مؤسس “علم الدعاية الحديثة” وتلميذ فرويد – وقالوا له: “باختصار.. نريد ان نجعل المرأة تدخن!” truthinitiative.org
خطة برنايس:
استعان برنايس بكتب فرويد للتحليل النفسي، وأدرك أن السيجارة بالنسبة للمرأة ممكن أن ترمز إلى “القوة الذكورية” أو “الاستقلالية”، بالمعنى النفسي: السيجارة = سلطة الرجل.
قال: “يبقى الحل في أننا نربط التدخين بـ الحرية والتحرر النسوي“.
دبر حملة في يوم احتفالي (عيد الفصح 1929 في نيويورك) وجمع مجموعة من الشابات المتحمسات لقضايا النسوية.
أعطى كل واحدة سيجارة، ونسق مع الصحافة مسبقا إنها تصورهم وهما يدخنون في الشارع بشكل علني، ويدعوا إنهم يشعلون “شعلة الحرية!”

النتيجة:
- الصحف خرجت –باتفاق مسبق- بعناوين ضخمة: “الفتيات يشعلن مشاعل الحرية في المسيرة“.
- فجأة التدخين أصبح “رمزا للتحرر من هيمنة الرجل“.
- المبيعات انفجرت، والنساء اقتنعوا إن السجائر ليست عادة سيئة، بل وسيلة للمساواة.
الخلاصة:
لم يكن الهدف إطلاقا “تحرير المرأة”، إنما استغلال خطاب التحرر لبيع منتجات. برنايس حول شعار نبيل إلى أداة تسويق، وبذلك فتح باب لحملات مشابهة إلى اليوم: أي سلعة ممكن أن تباع لو غلفت بشعار الحرية أو المساواة.
كل ذلك يوضح أن كثيرا من الشعارات التي ترفع ليست خالصة لوجه العدالة أو المساواة، بل أداة لجر المرأة إلى أدوار تخدم مصالح السوق والسياسة أكثر مما تخدم طبيعتها أو أسرتها.
واليوم لا يختلف المشهد كثيرا: الإعلانات التجارية، والمسلسلات، وحتى بعض الحملات السياسية، تعيد تدوير نفس الفكرة في ثوب جديد؛ ربط “التحرر” بالاستهلاك والإنهاك، وتسويق صورة المرأة الناجحة باعتبارها تلك التي تحمل على كتفيها أعباءها الطبيعية وأعباء الرجل معا. وهكذا يتكرر التاريخ، وإن تغيرت الشعارات واللافتات. وتطور الأمر ليس فقط بتحميلها تلك الأعباء فحسب؛ بل بوضع هذه المهام على طاولة المقارنة، بحيث إذا ازدات المشقة، فعليها ان تتخلى عن أدوارها الطبيعية، لا الأدوار التي أُقحمت فيها!
المرأة والرجل: بين العزة الفطرية و”الصيد السهل”
أخطر ما في هذه الحملات أنها لم تكتفِ بإعادة تعريف أدوار المرأة، بل عملت بذكاء على نزع قيمتها الفطرية. فالمرأة عبر التاريخ كانت محاطة بسياج من التشريعات والأعراف جعلها عزيزة المنال: لا يقترب منها رجل إلا بعد التزام واضح ومسؤوليات جسيمة، من مهر ونفقة وزواج ورعاية. هذا الإطار لم يكن قيدا على حريتها بقدر ما كان حصنا يحفظ مكانتها ويصون كرامتها.

وحين رفع الشعار البراق: “التحرر والمساواة”، بدا في ظاهره إنصافا، لكنه في حقيقته إضعافا متعمدا لمكانة المرأة. تحررت من قيود الأسرة، لكنها في الوقت ذاته تجردت من حمايتها؛ لم تعد بحاجة لزواج أو مسؤولية قانونية لتعيش مع رجل، ولم تعد محمية بحدود تفرض احترامها، فصارت في كثير من السياقات أقرب إلى “صيد سهل” بدلا من كونها جوهرة ثمينة لا تُنال إلا بحق.
النتيجة أن الرجل لم يعد مضطرا لبذل جهد حقيقي أو تحمل مسؤوليات ثقيلة ليظفر بها؛ بل صار بإمكانه أن يستمتع دون ثمن يذكر. وهكذا تحول خطاب التحرر إلى وسيلة لتسليع المرأة، تارة في الإعلانات والدعاية، وتارة كأداة استهلاكية رخيصة في السوق، بدل أن تظل عمود الأسرة وركيزة المجتمع.
أيضا تابع مقالات طبية حول مختلف مواضيع الرعاية الصحية. على بشينى
خاتمة:
الجدل حول “الأفضلية” بين المرأة والرجل لم يكن في يوم من الأيام سؤالا صحيحا، لأن جوهر الحكمة ليس في المفاضلة بل في التكامل. الرجل بعقله وصلابته، والمرأة بعاطفتها ورعايتها، هما جناحا المجتمع؛ فإذا كُسر أحدهما اختل التوازن وسقط الكيان كله.
إن محاولات العبث بالأدوار ليست مجرد “تحديث اجتماعي”، بل تفكيك متعمد يفتح الباب أمام مصالح اقتصادية وسياسية، ويحول المرأة من كيان عزيز مصون إلى سلعة أو صيد سهل تحت لافتة الحرية.
الحقيقة البسيطة أن الأسرة لا تُبنى بالمساواة المصطنعة، بل بالاعتراف بالاختلاف الطبيعي والتكامل الفطري. وبدون هذا الفهم، لا تنتج المجتمعات سوى أفراد منهكين، وأسواق رابحة، وأسر منهارة.
فالتحرر الحقيقي ليس أن تفقد المرأة حصانتها أو أن يتخلى الرجل عن قيادته، بل أن يعود كل منهما إلى دوره الأصيل؛ حيث تُصان كرامة المرأة بالعزة، ويثبت الرجل مسؤوليته بالوفاء، فتظل الحياة ممكنة، والمجتمع متماسكا.

نشكركم لمتابعتنا على صفحاتنا الرسمية:
أيضا BESHEENY على منصة X تويتر.
أيضا BESHEENY على منصة pinterest.